الاتجاه الرّبطي في اكتساب اللغة الثانية (1)
د. رائد عبد الرحيم- مدير معهد تعليم العربية للناطقين بغيرها
جامعة النجاح الوطنية-نابلس- فلسطين
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن اكتساب اللغة يمكن تفسيرها في ضوء التعلّم العام، وبخاصة حين يتعرض المتعلمون لآلاف الكلمات والعبارات، فيزداد الربط بين الكلمات والمعاني، ويضربون على ذلك الاتجاه الربطي بالطفل الذي يستمع لكلمة قطة، ثم يربطها بذلك الحيوان الأليف الموجود مع الأسرة، ثم يستخدمها للإشاشكالها الرة والربط بين أموجودة في صورة أو كتاب أو تلفزيون، ويتطوّر هذا الأمر ليتعلم بعض الاستعمالات المجازية الأخرى لهذه الكلمة كأن تعبّر عن الطفلة الصغيرة أو البنت الجميلة.
إن هذا الاتجاه الربطي يمكن أن يفيد المعلّمون في تدريسهم وفي إنتاج المناهج التعليمية، فتكون فائدته في:
- تطوير لغة الطلاب.
- تنمية قدرتهم على التعبير الكتابي والمحادثة.
- تدريس البلاغة والمجاز.
وفي الحقيقة يدهشني حين استمع إلى الحديث عن تدريس البلاغة العربية للناطقين بغير العربية في سياق منفصل عن التدريس العام، وكأن المقصود منه حشو أذهان الطلاب بتلك المصطلحات التي تركها البلاغيون في تراثهم البلاغي. والسؤال ما حاجة الطلاب لمثل تلك المصطلحات إن لم يكونوا من ذوي الاختصاص؟
إن الاتجاه الربطي الواعي يتيح تعليم البلاغة العربية وتعلّمها بل تعليم اللغة بعامة بصورة متدرجة ولطيفة، تتسلل إلى أذهان المتعلمين بيسر وسهولة، ولتوضيح ذلك لا بد من تقديم بعض الأمثلة التي تنتقل من الاتجاه الحسي في التدريس إلى الذهني، وحلقة الوصل في الانتقال الربط.
في المستوى المتوسط الأدنى على سبيل المثال يحتاج المتعلّم للتعبير عن حالة الطقس، هنا ينبغي على المدرس ومنهاجه أن يقدّم له الأمر في سياقات تعبيرية ومواقف طبيعية تعبّر أولاً عن اللغة الحسية لهذا الموضوع، فنقول: الجو غائم، والسماء صافية، والجو ساخن أو معتدل أو مثلج، ورعد وبرق، وغزير، وارتفاع وانخفاض، أو نستخدم كلمات وعبارات مثل سيول وفيضانات وملبّدة…، وهذه المفردات والعبارات بعد أن تثبت في ذهن الطالب حسيّاً يمكن أن ننتقل بها خطوة في الاستخدام المجازي، فنقول: أوضاع الشرق الأوسط ساخنة، وسماؤها ملبدة بالغيوم، وفاض المدرّس علينا بعلمه، وهذا عالم غزير العلم، وأسعار الخضراوات منخفضة أو مرتفعة، أو هناك ارتفاع ملموس على أسعار الخضار.. فلو اتبعنا كل درس حسّي في هذا المستوى بهذا الاتجاه الربطي لرأينا تطوّراً على لغة الطالب، ولأضحى بصورة ممنهجة يعبّر عن المعاني بقوة العبارة وسلامة التركيب. وبهذا يستطيع الطالب أن يميّز بين سياقات لغوية مختلفة حقيقية ومجازية، فإذا طلب إليه التعبير عن الصورتين الآتيتين، فإنه سيتوصل إلى مقصدك بعد ما درس: